في أقل من عقد، حقق الذكاء الاصطناعي قفزات غير مسبوقة، ليس فقط في قدرته على أداء المهام التقنية، ولكن في تقليده بعض وظائف العقل البشري بشكل مدهش.
وما بدأ كمحاولات تؤدي مهمة واحدة؛ مثل الترجمة أو تصنيف الصور؛ تطور الآن إلى نماذج ضخمة تستطيع تلخيص الكتب، وكتابة الشِعر، وتحليل البيانات الطبية، وحل مسائل رياضية معقدة، وصولاً إلى إجراء محادثات طويلة مكتملة التفاصيل والسياق.
ولا تُعد هذه النماذج، مثل GPT‑4.1، و Claude 4، و Gemini 2.5، و Grok 4، أدوات لغوية فقط، بل نماذج معرفية (وإن كانت غير واعية) تستطيع محاكاة بعض مظاهر التفكير البشري، بل وبدأت تتفوق على الإنسان في تخصصات محددة مثل البرمجة، والتلخيص، أو الاستدلال المنطقي.
ورغم هذا، لا تزال تلك النماذج تفتقر إلى عدد من القدرات البشرية الجوهرية، فهي لا تفهم العالم، ولا تمتلك وعيًا ذاتيًا، ولا تستطيع التعلّم دون إشراف مباشر أو توجيه منهجي، ومهما بدت قدراتها مبهرة، فإنها لا تتجاوز حدود الذكاء العام الضيق؛ أي الذكاء الذي يستطيع مجموعة كبيرة من المهام، لكن دون أن يملك هدفًا ذاتيًا، أو إدراكًا عميقًا للعالم، أو وعيًا بحدود معرفته.
هذه التحديات ربما كانت السبب وراء ظهور مفهوم جديد يمثل نقطة تحول في مسار تطور الذكاء الاصطناعي، يتمثل في سؤال: ماذا لو تمكنا من بناء ذكاء لا يكتفي بمحاكاة الإنسان، بل يتجاوزه؟ ليس في مهام محددة فقط، بل في كل القدرات العقلية مجتمعة؛ التفكير، والتحليل، والتعلّم، والإبداع، وحل المشكلات، وربما حتى تطوير نسخته الخاصة من الفلسفة أو الفن؟
