الحرب والسلام في زمن الروبوتات والذكاء الاصطناعي

هل أضعت ثقتك بالإنسانية؟.. تقفز هذه الجملة إلى الأذهان وكأنها تحمل عبئا كبيرا من الشك والتساؤل، فمع تصاعد الأحداث والمآسي في العالم، ومع انكشاف الحقائق المريرة، بدأت ثقتنا بالإنسانية تتلاشى تدريجيا.

ففي قطاع غزة، يواجه أكثر من 2.3 مليون شخص معاناة الإبادة والجوع. ومع توقف بعض الحكومات عن دعم وتمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، تظهر حقيقة قاسية، وهي أن الإنسانية قد خذلت الإنسان بجدارة، وحان الوقت كي نزرع آمالنا في أجسام غير بشرية تسمى اليوم الذكاء الاصطناعي.

في ظل هذه الأحداث المأساوية، يبرز لنا الذكاء الاصطناعي كموضوع مثير للجدل، إذ تتقاطع الأفكار بين خوف ورجاء، وتبرز الحاجة الماسة إلى فهم طبيعة الذكاء الاصطناعي وكيفية عمله. فعبر هذا الفهم فقط، يمكننا معرفة ما إذا كان سيتخذ زمام المبادرة يوما ما لقيادة البشرية نحو مستقبل مشرق، أم أنه سيكون الآلية التي تعجل زوالنا.

التكنولوجيا أم الإنسان؟

لعب دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية دورا محوريا في النزاعات الأخيرة، وأدى إلى ارتفاع كبير في عدد الضحايا المدنيين.

إن عسكرة الذكاء الاصطناعي لها آثار خطيرة على الأمن العالمي، بما في ذلك تطوير ونشر أنظمة الأسلحة الفتاكة التي يمكن أن تعمل دون تدخل بشري، مما يزيد من الهيمنة العسكرية للدول المتقدمة تقنيا على دول العالم الثالث.

فالأسلحة التقليدية التدميرية أصبحت أكثر ذكاء بواسطة الذكاء الاصطناعي، والذي يُستخدم -على سبيل المثال لا الحصر- في تحليل لقطات الطائرات بدون طيار، وغيرها من مصادر المعلومات الاستخباراتية لتحديد الأهداف، والصواريخ الموجهة، وأنظمة التجسس المتقدمة.

وهذا ما فعلته إسرائيل لاختيار وتوسيع أهدافها في الحرب على غزة، فقد استخدمت نظام ذكاء اصطناعي يسمى “حبسورا” الذي سرّع وتيرة الاستهداف، إذ يعمل النظام على استخراج كميات كبيرة من المعلومات من مصادر مختلفة مثل بيانات الاتصالات ولقطات الطائرات وبيانات المراقبة، ومن ثم تحليلها وإنتاج توصيات للأهداف.

ويثير هذا التحول تساؤلات عميقة عن تأثير التقدم التقني على جوهر الإنسانية وتقديرها للحياة، فاستخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب يعد قضية معقدة تتطلب دراسة متأنية لآثارها الإنسانية والقانونية والأخلاقية والأمنية.

وهو ما يعيد التساؤل عن تأثير التكنولوجيا المدمرة على إنسانيتنا، فهل هي التي تشوه إنسانيتنا، أم أن التشوه متأصل فينا والتكنولوجيا مجرد مرآة تعكسه؟

Dheia Alhouraniz

Read Previous

توسيع نطاق الشراكة بين ديل تكنولوجيز ونوكيا

Read Next

مملكة داخل جمهورية.. تعرّف على بوغندا

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *