الأرجنتين تثأر من فرنسا وتحقق مع ميسي حلما طال انتظاره منذ 36 عاما…

نجحت الأرجنتين في التتويج بكأس العالم لكرة القدم للمرة الثالثة في تاريخها، لتثأر من فرنسا حاملة اللقب، التي أقصتها من مونديال 2018 في دور الـ 16.

وجاء خروج منتخب الأرجنتين، وصيف بطل مونديال البرازيل 2014، في المونديال الماضي بقيادة نجمه ليونيل ميسي على يد نظيره الفرنسي المتوج بكأس العالم في روسيا 2018، إثر هزيمته أمامه (3-4)، في دور ثمن النهائي 4-3.

وخلع ليونيل ميسي أبواب التاريخ وسطّر اسمه في كتاب أساطير كرة القدم عندما قاتل مع رفاقه حتى الرمق الأخير أمام فرنسا حاملة اللقب وفاز عليها بركلات الترجيح بسيناريو جنوني في نهائي مونديال قطر 2022، قاطفاً نجمة ثالثة تاريخية للأرجنتين.

وبهذا الفوز، حقق “البرغوث” مبتغاه الأسمى الذي انتظره طويلاً بعد أربع مشاركات مخيّبة أبرزها خسارة نهائي مونديال 2014 في البرازيل أمام ألمانيا في الأنفاس الأخيرة من الوقت الإضافي.

وبعدما اكتمل نصاب الألقاب في خزائنه، حفر القائد الأرجنتيني اسمه في كتاب الأساطير إلى جانب مواطنه الراحل دييغو أرماندو مارادونا الذي ظفر باللقب الثاني لـ”ألبيسيليستي” في العام 1986.

وبالمشاركة في هذا النهائي، حطّم ميسي رقم الألماني لوتار ماتيوس كأكثر لاعب خوضاً للمباريات في النهائيات، مع 26 مباراة.

وبمشاركته أصلاً في النهائيات القطرية، وصل ميسي إلى رقم قياسي آخر متمثل بعدد كؤوس العالم التي خاضها (5)، على غرار غريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي ودع البطولة من ربع النهائي، وماتيوس أيضاً وآخرين.

– دي ماريا المحرّك –

وبعد تسجيله سبعة أهداف في المونديال القطري، بينها خمسة في ثمن وربع ونصف النهائي والنهائي ليفك صيامه عن التهديف في الأدوار الإقصائية لأربع نسخ، رفع ميسي مجمل رصيده إلى 13 هدفاً في النهائيات، ليحطم الرقم القياسي الأرجنتيني المسجل باسم غابريال باتيستوتا (10 في 12 مباراة).

وكان الهدف الأول لميسي في النهائيات عام 2006 حين دخل في ربع الساعة الأخير من مباراة الجولة الثانية ضد صربيا ومونتينيغرو حين كانت بلاده متقدمة 3-صفر، فأضاف الخامس بعدما كان صاحب تمريرة الهدف الرابع الذي سجله هرنان كريسبو، ليصبح عن 18 عاماً و357 يوماً أصغر مسجل في تاريخ بلاده في كأس العالم.

وبعد حفل ختامي بدأ بالموسيقى وبعض الشعر الذي ألقاه تميم البرغوثي، اشتعلت الأجواء في الملعب مع تأدية أغاني المونديال الرسمية، قبل تأدية النشيدين الوطنيين لفرنسا من المغنية المصرية فرح الديباني، وللأرجنتين من لالي إسبوسيتو.

وبعدها بدأت الكرة بالتدحرج مع اندفاع أرجنتيني يقود ميسي على مرأى الجماهير المتعطشة لرؤيته يرفع الكأس الغالية، وعلى إيقاع هتافاتهم التي “التهمت” الأجواء منذ اللحظات الأولى.

وكانت خطوة المدرّب ليونيل سكالوني ناجعة مع إقحام دي ماريا أساسياً، فحرّك الرواق الأيسر وأزعج الفرنسيين الذين اعتمدوا على جول كونديه للتغطية، ففُتحت ثغرات أثمرت فرصاً واعدة لم تكتمل في بادئ الأمر.

في الدقيقة 17، استلم ميسي كرة وحولها بينية ذكية إلى الجهة اليمنى عند أليكسيس ماك أليستر، لكن عرضيته عبرت عن “البرغوث” وسددها دي ماريا عالية وبعيدة.

– ركلات جزاء بالجملة –

ردّ الفرنسيون بعد ثلاث دقائق من ضربة حرة عقب خطأ، نفذها أنطوان غريزمان وارتقى لها أوليفييه جيرو برأسية اعتلت عارضة الحارس إيميليانو مارتينيس (20).

بعدها، جاء أول الغيث الأرجنتيني في الدقيقة 23، بعدما منح حكم المباراة الأرجنتينيين ركلة جزاء إثر خطأ على عثمان ديمبيليه ضد دي ماريا داخل المنطقة، ترجمها “البرغوث” هدفاً رغم محاولات التشويش من غريزمان.

وبهذا الهدف، بات ميسي أول لاعب في التاريخ يسجّل في دور المجموعات، ثمن النهائي، ربع النهائي، نصف النهائي، والنهائي.

وازدادت معاناة الفرنسيين عندما عاد دي ماريا المخضرم نفسه ليضيف الهدف الثاني للأرجنتين في الدقيقة 36، بعد جملة تمريرات رائعة بدأها ميسي من منتصف الملعب وانتهت بعرضية من ماك أليستر، تابعها بنجاح في شباك هوغو لوريس ويغرق في دموع فرحه.

وباستثناء الخسارة أمام السعودية في باكورة مبارياتها في دور المجموعات، تقدّمت الأرجنتين بهدفين نظيفين على كل منافسيها في المونديال.

كانت الصدمة كبيرة على المدرب ديدييه ديشان، الذي لجأ إلى تبديلين ثقيلين مبكرين قبل أربع دقائق من نهاية الوقت الأصلي للشوط الأول، فأخرج جيرو وأدخل بدلاً منه ماركوس تورام، فيما زجّ براندال كولو مواني محلّ ديمبيليه (41).

قال ديشان الذي كان يحلم في أن يدخل التاريخ كأول مدرّب بعد الإيطالي فيتوريو بوتسو يحقق لقبي كأس عالم توالياً إنه “شوط أول للنسيان”.

لكن الثاني لم يبدأ باكراً لـ”الديوك”، فغابوا عن تهديد المرمى الأرجنتيني حتى ثلث الساعة الأخير، عندما ظهر مبابي.

تسديدة أولى في الدقيقة 71 اعتلت المرمى الأرجنتيني، قبل أن ينفّذ ركلة جزاء تحصّل عليها الفرنسيون في الدقيقة 80 ترجمها بنجاح، وأدرك التعادل بعد دقيقة واحدة إثر تمريرة رائعة خلف خط الدفاع من تورام، سددها يمينية جميلة إلى يسار مارتينيس (81).

حاول تورام الحصول على ركلة جزاء ثانية، فارتمى داخل منطقة الجزاء الأرجنتينية، فمنحه الحكم بطاقة صفراء.

كاد ميسي أن ينهي الأمور كلها في الدقيقة 90+7 عندما سدد كرة يسارية قوية من مشارف منطقة الجزاء، تصدى لها لوريس، ليحتكم الفريقان إلى شوطين إضافيين.

في الوقت الإضافي، استعاد ميسي التقدم (108)، قبل أن يعادل مبابي مرة أخرى من نقطة الجزاء (118) محرزاً ثلاثية ومعادلاً رقم الإنكليزي جيف هورست في نهائي 1966.

– بالبشت الخليجي –

لكن ركلات الترجيح كانت حاسمة في النهاية 4-2، وابتسمت للأرجنتين، بعدما تصدى مارتينيس لتسديدة كينغسلي كومان وأضاع أوريليان تشواميني تسديدته خارج المرمى، ليسجّل غونسالو مونتييل الركلة الحاسمة بعد نجاح كل من ميسي، باولو ديبالا، وباريديس.

وحمل بعدها ميسي الكأس الغالية بعدما اتشح بالبشت الخليجي (عباءة رجالية يرتديها العرب) التي وضعها على كتفيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى جانب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني إنفانتينو.

وأضاف إلى اللقب الأهم جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في مونديال قطر 2022، فيما تسلم مبابي جائزة الحذاء الذهبي كهداف للبطولة (8)، والأرجنتيني إنسو فيرنانديس جائزة أفضل لاعب شاب، ومارتينيس جائزة القفاز الذهبي لأفضل حارس.

وقال الحارس الأرجنتيني باكياً بعد المباراة “كانت مباراة صعبة جداً وعانينا كثيراً. هذا ما حلمت به. حلمت كثيراً بهذه البطولة.. لا كلام لأصف ما أشعر به. غادرت بلدي باكرا إلى إنكلترا. أهدي اللقب إلى عائلتي وأطفالي. أعتقد انني خرجت من مكان متواضع وأنا شاب وأريد أن أهدي ذلك لوالدتي”.

– السعودية فازت على البطل –

لكن عبقرية ميسي، رغم تقدّمه في السن، انتشلت منتخب التانغو من خسارة أولى صادمة أمام السعودية (1-2)، ما اجبرها على خوض ست مباريات بنكهة المباراة النهائية وصولاً إلى مجد النهائي الحقيقي الاحد.

واجتاح العالم شعور بضرورة حصول ميسي على لقب يستحقه، بعد أربع مشاركات مخيبة نسبياً، يتقدمهم مدربه الأصغر في هذه النهائيات ليونيل سكالوني.

وبعد العثرة الافتتاحية، تخطت الأرجنتين كلا من المكسيك وبولندا (2-0)، أستراليا في ثمن النهائي (2-1)، هولندا بركلات الترجيح في أصعب مبارياتها (2-2)، ثم كرواتيا بسهولة في نصف النهائي 3-0.

قال المدرب سكالوني باكياً “أعتقد اننا لا ندرك ما حققناه. هذه اللحظة كي نستمتع. عشنا لحظات صعبة وكنا سويًا في السراء والضراء. نحن معتادون على مثل هذه الامور…..أعتقد أنها متعة كبيرة أن نصل الى القمة لأنه شعور فريد جدًا”.

اضاف لاعب وسطه رودريغو دي بول “”نحن أبطال العالم، لم أتخيل ذلك أبدًا، لم أتخيل مطلقًا أنني سأحمل الكأس. لقد ولدنا لنعاني، نحن الأرجنتينيون كذلك. ستُخلّد ذكرانا لما أنجزناه. نحن على قمة العالم، وأعتقد أننا نستحق ذلك”.

– مبابي وخسارة الأبطال –

أما فرنسا المتوجة في 2018 عندما بزغ نجم مبابي بعمر التاسعة عشرة، فاخفقت بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أن تصبح أول منتخب يدافع عن لقبه بنجاح بعد البرازيل في 1962، علماً أن الفريق الثاني حقق هذا الانجاز كان إيطاليا في 1938.

حققت بداية واثقة وتأهلت بعد جولتين بفوزين على أستراليا (4-1) والدنمارك (2-1)، في ظل تألق مبابي زميل ميسي في سان جرمان، وأنطوان غريزمان وأوليفييه جيرو والحارس المخضرم هوغو لوريس.

بتشكيلة رديفة خسرت أمام تونس 0-1، قبل ان تتابع تألقها أمام بولندا في ثمن النهائي (3-1)، ثم تتجاوز أصعب الاختبارات أمام إنكلترا القوية (2-1)، فيما أوقفت القصة الخيالية للمغرب في نصف النهائي (2-0)، قبل ان يحل صاحب افضل مشوار افريقي في التاريخ رابعاً السبت وراء كرواتيا (1-2).

لكن فيروساً غريباً ضرب “الزرق” بدءاً من نصف النهائي وتسبب بابعاد لاعب الوسط أدريان رابيو والمدافع دايو أوباميكانو، تمدّد إلى قلب الدفاع رافايل فاران وكينغسلي كومان وإبراهيما كوناتيه.

وظهرت عوارض مختلفة على اللاعبين مثل الحمى وآلام المعدة وصولاً إلى الصداع، فخضعوا لعلاج طبي وعُزل اللاعبون المصابون، في حادثة أثرت ربما على مردود لاعبي ديشان الذي اخفق باحراز اللقب الثاني توالياً كمدرب ومعادلة رقم الإيطالي الشهير فيتوريو بوتسو.

عبّر قائد فرنسا الحارس هوغو لوريس عن المشاعر الحزينة “لقد كانت مباراة ملاكمة تقريبًا، كان هناك فعل ورد فعل. الأسف الوحيد الذي يمكن أن نشعر به هو أننا لم نرتق الى المستوى في الشوط الاول. لم نستسلم. يجب أن يكون هناك بطل وقد تقرر ذلك بركلات الترجيح. انها دائما قاسية”.

أ ف ب

Dheia Alhouraniz

Read Previous

ميسي “صائد” الأرقام القياسية يضيف لقب أفضل لاعب إلى سجله الخارق…

Read Next

الحارس مارتينيز بطل الأرجنتين الآخر القادم من معاناة… 

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *